نعم خسرتكِ.. بقلم الدّكتورة فاطمة كمال عزّ الدّين

نعم، خسرتكِ!!
أمّي، حبيبتي… “لا وداع بيننا، فأينما كنتِ أنتِ موجودة في قلبي دائمًا”…
ثلاثة أشهر مرّت، وأنا مسكونة بالحزن والألم… كنتُ ولا أزال بحاجة إلى مساحة زمنية واسعة، من الوحدة والهدوء والتّأمّل… حتّى أستطيع مواصلة الطّريق…
أحاول مرارًا أن أفتح أبواب حياتي المقفلة مفاصلها، بوهن قوتي وتلاشي أفكاري المحكومة برهبة الرّحيل والفراق، فقد أطبق عليها صمت عميق متجدّد مع دوران عقارب السّاعة… لقد استعجلتِ الرّحيل…
نعم، غيّب الموت جسدك الطّاهر، لكن لن تغيبي عن قلبي وعقلي ووجداني… فسحر طلّتك، ودفء وجهك، وإيمانك في قلبي دائمًا…
حبيبتي أوصّي الله بكِ.. يا ملائكية الحضور… يا من استطعتِ أن تتربّعي على عرش الوقار والكبرياء وعزّة النّفس..
أيّتها الإنسانة العظيمة بإيمانك وعطائك وصبرك المعهود… يا صديقتي، ومنارتي، لا اتّكاء على مخلوق بعدك…
بعد رحيلك حبيبتي… صار كلّ شيء باهتًا… بعدك، غدوت أقلّب الأيّام واللّيالي المثقلة بالذّكريات والصّور… أبحث عنكِ.. عن صوتكِ… عن نور وجهكِ.. نعم، خسرتكِ…
لا أعلم، أين أنا، ولا أدري؟… فقدت مَنْ كانت ترشدني وتأخذ بيدي وتدعو لي في خطواتي كلّها…
أمّي الغالية… لا أعرف امرأة واحدة لامست ما أنت عليه من خُلق وتواضع… يا جميلة الجميلات.. يا أيقونة الأمّهات..
في صباح يوم الاثنين، الواقع فيه 17 آيار 2021، رحلتِ مشرقة الوجه إلى جوار ربّكِ…
رحلتِ، وأنتِ في السِّتينَ من عمرك… أيّتها الطّاهرة، والمؤمنة والحنون والدّمثة والخلوق…
رحلتِ أيّتها الأمّ والأخت والجدّة والصّديقة المناضلة، الصّابرة، المكافحة في سبيل أسرتها…
نعم، كانت وفاتك فاجعة كبرى.. رحلت مَن لم تخدش في حياتها، ولو بحرف واحد مشاعر أحد.. رحلت مَن كانت تأنس بالصّلاة وتلاوة القرآن والدّعاء…
نعم، حبيبتي مرضك الفجائي ووفاتك السّريعة جدًّا، بمثابة الصّدمة المفاجئة والصّاعقة الّتي وقعت على رؤوس الجميع، صغيرنا وكبيرنا… لم أتوقّع يومًا هذا الرّحيل المبكر…
إنّها الحياة يا غالية، وإنّه الموت والقدر، فإلى الله نبتهل، وبقضائه وقدره نرضى ونسلم… هي إرادة الله ومشيئته في خلقه كما كنتِ تردّدين دائمًا.. ألف ألف رحمة ونور على روحك الطّاهرة..
لكنّني أقول لكِ إنّي مستمرة على خطاك العطرة والمؤمنة، وباقية على العهد والوعد…

إلى روح والدتي المرحومة الحاجة زينب محمد حسين مونس
بقلم الدّكتورة فاطمة كمال عزّ الدّين

Leave A Reply